الرئيسية » مقالات وتقارير »
 

الواقع الحالي وتحديات المستقبل (Digital Transformation)

 

بقلم: ماهر "محمد غازي" التيتي*

التحول الرقمي يعني الانتقال والتحول من الطريقة التقليدية في إدخال البيانات ومعالجتها بطريقة يدوية إلى التعامل مع هذه البيانات باستخدام التكنولوجيا الرقمية في كافة مجالات الأعمال الخاصة بالمؤسسة، وبطبيعة الحال فإن ذلك يتطلب من المؤسسات كافة التي ترغب بالتوجه إلى هذه التقنية أن تقوم بإعادة تصميم وهيكلة عملياتها بما يناسب ومتطلبات هذه العملية.

هذا يجب أن تتم عملية التحول الرقمي ضمن استراتيجية شاملة وممنهجة مدعمة بأسس تكنولوجية متطورة ويتم وضعها من قبل خبراء واستشاريين متخصصين في هذا المجال، بما يضمن الانتقال السليم والآمن لهذه العملية وبما يضمن نجاحها وعدم تعثرها.

وبالتالي فإن ذلك يقودنا إلى سؤال مهم لمعرفة ما هي المتطلبات اللازمة لعملية التحول الرقمي:

  • التركيز على التكنولوجيا الحديثة والتخلص من التكنولوجيا القديمة والتي باتت تقليدية سئم منها المستخدمون. المستخدمون بشكل عام يبحثون دائماً عن كل ما هو جديد ويواكب أحدث التطورات التكنولوجية في هذا المجال.
  • تغيير جذري في ثقافة المستخدمين ومدى تقبلهم ووثوقهم بهذه العملية، في حال حدوث أي خلل في هذه العملية فإن حقك محفوظ، لا تقلق.
  • ضرورة وجود تغطية شاملة ضمن إطار وتشريعات قانونية منظمة تحمي المستخدم وتحافظ على حقوقه بشكل كامل.
  • تشجيع الابتكار وتطوير نماذج أعمال جديدة.
  • إدخال وظائف جديدة في المؤسسة متخصصة في مجال التحول الرقمي للمساعدة في تطبيق عمليات التحول الرقمي.
  • زيادة الاستخدام المنظم للتكنولوجيا.

ولكون التكنولوجيا تلعب دوراً مهماً في قدرة الشركات على التطور والتعاطي مع آخر ما توصل إليه علم تكنولوجيا المعلومات، حتى أصبحت من أهم / أو أهم ميزة تنافسية يمكن كسبها وتحقيقها في هذا المجال، وهذا يستدعي من كافة الرؤساء والمسؤولين وكل من يعمل في التخطيط الاستراتيجي في المؤسسة الاستعداد لهذه المرحلة والعمل على قيادة مؤسستهم نحو القمة باستخدام وتطبيق آليات التحول الرقمي بطريقة أكثر ذكاءً وأكثر تحدياً.

لماذا التحول الرقمي؟

لأن عملية التحول الرقمي أصبحت تعتبر قضية بقاء (to be or not to be)، إذا لم تلحق بالركب فسيفوتك القطار وتخرج من السوق، يجب عليك أن تفكر بمنافسيك (Benchmarking)، وأن تدرك تماماً بأن التحول الرقمي سيحسن أرباحك بالفعل، وسيوفر عليك الكثير من الوقت والجهد. توقع أن تقابل عميلك ويقول لك شكراً، أنت بذلك قد وصلت إلى أعلى المستويات لنيل رضى العملاء (Customer Satisfaction).

ما هي تقنيات التحول الرقمي الأكثر شيوعاً؟

  1. الهواتف الذكية (Smart Phones): إذ يعتبر من أهم التقنيات المستخدمة في عمليات التحول الرقمي.
  2. الحوسبة السحابية (Computer Clouding): والتي تصنف على رأس التقنيات المتطورة التي تقود التحول الرقمي، فهي تساهم بشكل كبير في خفض التكاليف لمختلف الأنشطة والعمليات التي تقوم بها المؤسسة، وقد شكلت جائحة كورونا دافعاً قوياً لدى كثير من المؤسسات لاستخدام الحوسبة السحابية بشكل كبير وفي كافة المجالات.   
  3. إنترنت الأشياء (IoT): أصبح التحكم بالأدوات والأجهزة وحتى الكائنات الحية واقعاً مطبقاً بأشكال وأساليب متنوعة عبر تزويد تلك الأشياء بمستشعرات متصلة بالإنترنت لتوظيف إمكانياتها لتلبية احتياجات الحياة العصرية وتقديم أفضل الخدمات وتطويرها بما يحقق أفضل العوائد وأجود الخدمات التي تقدم للمستفيدين. 
  4. الروبوتات الذكية: حيث أصبحت العديد من الشركات تستخدم الروبوتات الذكية في كافة عملياتها وأنشطتها البسيطة وصولاً إلى العمليات الأكثر تعقيداً.
  5. الذكاء الاصطناعي (AI): تتنوع مجالات وأنماط الذكاء الاصطناعي وإمكانية توظيفه في كثير من المجالات، لذلك فإنه يشكل دعامة حقيقية للتحولات الرقمية الأخرى كإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة والأمن السيبراني.
  6. تعلم الآلات (Machine Learning): حيث تمنح الآلات والحواسيب القدرة على التعلم وذلك من خلال استكشاف خوارزميات (Algorithms) تستطيع أن تتعلم ذاتياً وتصنع التنبؤات الخاصة بالبيانات، وتبرز أهميتها في قدرتها على تحليل ومعالجة البيانات الضخمة والمتنوعة للوصول إلى نتائج أسرع وأكثر دقة.

التحول الرقمي في مجال الخدمات المالية والمصرفية:              

ازداد التحول الرقمي في مجال الخدمات المالية والمصرفية بشكل كبير، وتعرضت الصناعة المصرفية للعديد من التحديات الرقمية والتكنولوجية والتي فرضت واقعاً أمام المؤسسات المالية والمصارف لكي تتعامل وبشكل سريع مع كافة التطورات التكنولوجية بهذا الخصوص. لقد فهمت المؤسسات المالية والمصارف قواعد اللعبة جيداً، باختصار "أكون أو لا أكون"، إذا لم تلحق بالركب فسيفوتك القطار.

التحول الرقمي أدى أيضاً إلى تطور الخدمات الإلكترونية الرقمية المقدمة عن طريق الموبايل والتطبيقات الإلكترونية الأخرى وتعددت أشكالها وميزاتها، وباتت ميزة تنافسية لدى العديد من المصارف، واكب ذلك حدوث ثورة في مجال التحول في طريقة التعامل بالنقد الملموس إلى التعامل بالوسائل اللا تلامسية مثل المحفظة الإلكترونية والتداول بالعملات الافتراضية، واستخدام البطاقات ووسائل الدفع اللا تلامسية، وتعددت أشكال أجهزة الصراف الآلي، فمنها الاعتيادي ومنها التفاعلي، ومنها ما هو متطور بتقديم خدمات إلكترونية عديدة (Kiosks)، ومنها ما هو معد خصيصاً لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تعددت الخدمات المصرفية المقدمة من خلال هذه الأجهزة حيث أصبحت خدمة الإيداع النقدي المباشر وخدمة إيداع الشيكات والحصول على قرض فوري وتقديم الطلبات ... الخ، كل هذه الخدمات وغيرها أصبحت الآن متوفرة على أجهزة الصراف الآلي، بالإضافة إلى العديد من التقنيات الجديدة مثل بلوك تشين (Block Chain) وتقنيات (Peer to Peer) للدفع المباشر، بالإضافة إلى التنافس القوي في مجال تقديم الخدمات الإلكترونية المتنوعة والذي أدى إلى شيوع ما يسمى بالبنوك الافتراضية.

ما هي فوائد التحول الرقمي؟

مما لا شك فيه فإن التحول الرقمي له فوائد عديدة، وفيما يلي أبرزها:

  1. خفض التكاليف بنسبة كبيرة جداً.
  2. تقليل الأخطاء في العمل وتحسين مصداقية المؤسسة.
  3. تحقيق رضى العملاء.
  4. تحسين الجودة وتطوير الأداء.
  5. زيادة الإنتاجية وتحسين كفاءة المنتجات.

ولكن هل التحول الرقمي له عيوب أو مشاكل؟

بالتأكيد، فعلى الرغم من الفوائد العظيمة التي نجنيها من عملية التحول الرقمي، فبالمقابل، هناك عيوب للتحول الرقمي، من أهمها:

  1. أمن البيانات: العميل يخشى من تسريب بياناته فيما لو تعرضت للاختراق، وبالتالي فقد أصبح هناك تخوف من اختراق الخصوصية.
  2. انعدام الأمن الوظيفي: الخوف من أن تحل التكنولوجيا محل البشر في العديد من المهام، وزيادة عمل الأشخاص من المنزل.
  3. عمر الأجهزة التكنولوجية والتي تتمتع بعمر قصير نسبيًا، مما يؤدي إلى زيادة الكلفة على المستخدمين لحاجتهم إلى ترقية أجهزتهم بعد عدة سنوات.

معوقات التحول الرقمي:

ومما لا شك فيه، فإن هنالك بعض المعوقات التي قد تواجه المؤسسة في عملية التحول الرقمي، والتي من أهمها مقاومة التغيير لنظام وسياسات العمل داخل المؤسسة، وقد تكتشف بعض المؤسسات أحياناً أنها ليست على استعداد للبدء بالتغيير، أو تقبل التغيير، ناهيك فيما إذا كانت هذه المؤسسات تتبع نمطاً روتينياً في العمل والتي لا تتضمن أي مجال للإبداع والتطوير.

كما أن ندرة المواهب وقلة الكفاءات ونقص الخبرات والمهارات الفنية اللازمة وعدم توفر الرغبة والاستعداد للتعاون والمشاركة من قبل أفراد المؤسسة يشكل عائقاً آخر يحول دون إتمام عملية التحويل هذه بطريقة سلسة وبسيطة وناجحة.

 

* مدير أنظمة المعلومات / بنك القاهرة عمان.