الرئيسية »
 

أهمية التزام المصارف الإسلامية الفلسطينية بالمعايير الشرعية الصادرة عن (الأيوفي)

 

إن أيوفي هي إحدى أبرز المنظمات الدولية غير الربحية الداعمة للمؤسسات المالية الإسلامية، تأسست عام 1991م ومقرها الرئيس مملكة البحرين، ولها منجزات مهنية بالغة الأثر على رأسها إصدار 100 معياراً حتى الآن في مجالات المحاسبة والمراجعة وأخلاقيات العمل والحوكمة بالإضافة إلى المعايير الشرعية التي اعتمدتها البنوك المركزية والسلطات المالية في مجموعة من الدول باعتبارها إلزامية أو إرشادية، كما تحظى الهيئة بدعم عدد من المؤسسات الأعضاء، من بينها المصارف المركزية والسلطات الرقابية والمؤسسات المالية وشركات المحاسبة والتدقيق والمكاتب القانونية من أكثر من 45 دولة، وتطبِّق معايير الهيئة حالياً المؤسسات المالية الإسلامية الرائدة في مختلف أنحاء العالم، والتي وفرت درجة متقدمة من التجانس للممارسات المالية الإسلامية على مستوى العالم([1]).

وتعد معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (الأيوفي) في الحقيقة والواقع، أهم الضوابط الشرعية لعمل المصارف الإسلامية في وقتنا الحاضر، ويُعدُّ الالتزام بالمعايير الشرعية الصادرة من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية من عناصر التزام أي بنك إسلامي بالضوابط الشرعية في أعماله، حيث إن هذه المعايير معتمدة في 90% من المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية على مستوى العالم، ويقوم بإعداد هذه المعايير المجلس الشرعي في الهيئة والمؤلف من 16 عالماً وباحثاً، بعضهم يمثل المصارف وبعضهم لديه خبرته ومكانته في الصناعة المالية الإسلامية، وهم من خيرة المشايخ المتخصصين في أمور الاقتصاد المالي الإسلامي([2]).

إن التزام المصارف الإسلامية ومنها الفلسطينية بمعايير(الأيوفي) يعد الأساس للتحقق من استيفائها لمتطلبات الشريعة، ولدفع عملية تطوير منتجاتها قدماً، كما يعمق الالتزام بالمعايير عنصر الشفافية في التقارير المالية للمؤسسات المالية الإسلامية. ولا شك أن من شأن التزام المصارف الإسلامية بهذه المعايير أن يوحد أسس وقواعد المعاملات المصرفية الإسلامية وتطبيقاتها، وكذلك فإن التزام هيئات الفتوى والرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية باعتماد هذه المعايير يقلل إلى حدٍ كبير من اختلاف الفتاوى بينها، وكما أن التزام المصارف الإسلامية بهذه المعايير يزيد من ثقة المتعاملين مع المصارف الإسلامية ويعمق الثقة بصحة معاملاتها، حيث تأتي أهمية الالتزام بالمعايير الشرعية من خلال ما يأتي([3]):

أولاً: إن وجود معيار شرعي لأي عقد، أو منتج، بصياغة قانونية واضحة يجعل المؤسسة المالية تسير على هداه بوضوح وبخطوات راسخة للوصول إلى تطبيق أحكام الشريعة دون لبس أو غموض. إن التزام المؤسسة المالية بهذه المعايير يترتب عليه كسب ثقة المتعاملين بها واحترامهم لها.

ثانياً: إن الالتزام بهذه المعايير سيؤدي بإذن الله تعالى إلى مزيد من تحقيق التعاون بين المؤسسات المالية من خلال الأعمال المشتركة، بل إلى توحيدها من حيث العقود والضوابط والمبادئ العامة.

ثالثاً: إن وجود هذه المعايير يفيد المتعاملين من حيث الالتزام بأحكام الشريعة، وبالتالي يعلمون ما لهم وما عليهم من واجبات وأحكام.

رابعاً: إن المعايير الشرعية تفيد جهات القضاء أو التحكيم للوصول إلى الحكم العادل الواضح البين.

خامساً: إن وجود هذه المعايير والالتزام بها يفيد الدولة والمصارف المركزية وجهات الرقابة والتدقيق، بكيفية التعامل مع المؤسسات المالية الإسلامية وضبطها، والتعرف على أعمالها وعقودها، وكيفية التدقيق عليها على ضوء أسس وضوابط حددتها المعايير الشرعية.

سادساً: إن وجود هذه المعايير الشرعية والمحاسبية يفيد شركات التدقيق الخارجي في كيفية الضبط والتدقيق الداخلي على أسس وموازين وأوزان محددة.

سابعاً: إن الالتزام بهذه المعايير يسهل عملية التصنيف والجودة، حيث يمكن المنافسة على ما هو الأجود.

ثامناً: إن الالتزام بها يؤدي إلى التطوير، ولكن هذا إنما يتحقق بإمكانية المراجعة بهذه المعايير على ضوء ضرورة العمل والتطبيق، ففقه التطبيق والمعايشة أهم أنواع الفقه، كما قال تعالى: "فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ"([4]).

ولقد  جاء في تعليمات سلطة النقد الفلسطينية رقم (15) / 2019، بشأن هيئة الرقابة الشرعية([5]) في المادة(5) /2 منها، بإلزام المصارف الإسلامية بالمعايير الشرعية ومعايير المحاسبة والمراجعة والحوكمة والأخلاقيات الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.

وهذا يدل بشكل واضح على أن المحدد لطبيعة عمل الهيئة العليا للرقابة الشرعية وفق تعليمات سلطة النقد الفلسطينية هو مدى الالتزام مع المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (الأيوفي).

*عميد كلية الحقوق- جامعة فلسطين الأهلية- عضو الهيئة العليا للرقابة الشرعية - سلطة النقد

 

 


[1] -  انظر: موقع الأيوفي، https://aaoifi.com/about-aaoifi

[2] -  انظر: عفانة، حسام الدين، كتاب فتاوى د. حسام عفانة، المعاملات، (200)، المكتبة الشاملة الحديثة، https://al-maktaba.org/book .

[3] -  عفانة، كتاب فتاوى د. حسام عفانة، المعاملات، (200)، المكتبة الشاملة الحديثة، https://al-maktaba.org/book .

[4] -  سورة التوبة، آية 122.

[5] -  تم إنشاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية استناداً لأحكام المادة (23) من قانون المصارف رقم (9) لسنة وقرارات مجلس إدارة سلطة النقد بهدف إصدار الأحكام الشرعية وتوحيدها للخدمات والمنتجات التي تقدمها المصارف الإسلامية وإصدار الفتاوى المتعلقة بالمالية الإسلامية وبما ينسجم مع أفضل الممارسات الدولية والمعايير الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) وبما يخدم تطوير منظومة الصيرفة الإسلامية في فلسطين، انظر: شمس نيوز،  رام الله، برابط: https://shms.ps/post